شباب كفركلا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الشرق الأوسط الجديد

اذهب الى الأسفل

الشرق الأوسط الجديد Empty الشرق الأوسط الجديد

مُساهمة  الحجاج2 الإثنين 25 يناير 2010 - 22:11

"إذا كان مفهوم الشرق الأوسط قد شهد انتشارا في هذه المرحلة التاريخية التي يطلق عليها البعض بالقرن الأمريكي فقد اعتراه منذ إطلاقه إضافات عديدة حتى استقر في المفهوم الأخير تحت عنوان "الشرق الأوسط الجيد".

الشرق الأوسط كمنظور استعماري
ولم يكن المفهوم "الشرق الأوسط" في بداية إطلاقه سوى تعبير عن المنظور الاستعماري ورؤية العالم ومناطق النفوذ من زاوية المركز الأوربي، وفي الوقت ذاته نفي لأي تسمية أو مشروع لتوحيد الوطن العربي والإسلامي، حيث ارتبط مفهوم الشرق الأوسط بالرؤية الاستعمارية لمصالحها وبتصوراتها لإعادة صياغة وتركيب المنطقة منذ القرن الماضي وحتى اليوم، ومن ثم جمع هذا المفهوم بين الجغرافيا والسياسة ولم تكن دلالته الجغرافية مستقرة حيث تذبذب بين الاتساع والضيق حسب المصالح الاستعمارية والرغبة في تفتيت الأمة العربية والإسلامية.
فالانتقال والتوسع لاسيما في المنظار الأمريكي بل ومحاولة الاستقرار على النتائج النهائية لمفهوم "الشرق الأوسط الجديد" يعود إلى تقسيمات الجغرافيا والتاريخ (أي قوميات وأقاليم متجانسة) بل لاحتياجات الأمن والطاقة ورسم الخريطة الاستراتيجية الأمريكية، ومحاولة فصل المشرق عن المغرب وربط هذا الأخير بالدائرة الجنوبية للمتوسط والتقسيم للوحدات القطرية الموجودة، وفي الوقت ذاته دمج إسرائيل كأمر واقع بل وكجزء في هذا التقسيم السياسي العسكري حيث في هذا النظام الإقليمي الجديد تصبح فيه إسرائيل مهيمنة بحكم تفوقها العسكري والصناعي من ناحية ولحجم الدعم الخارجي الأمريكي للسيطرة على المنطقة ومواردها وهو ما عناه شمعون بيريز في كتابه "الشرق الأوسط الجديد" في عام 1993 وجاء توقيته بعد تصدع منظومة الأمن العربي إثر غزو العراق للكويت (90) والحرب ضد العراق (91) بعد مؤتمر مدريد (91) والذي حاول إنهاء مقولة صراع الوجود بين العرب وإسرائيل وفتح المجال أمام نظام شرق أوسطي يملأ الفراغ الذي أحدثه انهيار النظام العربي.
فقد تلاقت المصالح الأمريكية والإسرائيلية في إعادة صياغة خريطة المنطقة عبر طرح صيغ ملائمة لإدخال إسرائيل في منطقة ينزع عنها مواصفات الجغرافيا التاريخية وسمات التاريخ الحضاري ويشدد فيها على الجغرافيا الاقتصادية في نظام السوق العالمية.
وقد استغلت الإدارة الأمريكية الحالية أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لمحاولة فرض تصوراتها أكثر في إطار هذا المفهوم والإجهاز أكثر على ما تبقى من بقايا النظام الإقليمي العربي والعمل على كنس معالم المقومات الثقافية والحضارية للمنطقة وتذويب هذا الفضاء السياسي والجغرافي والتاريخي والحضاري والثقافي المشترك في نطاق منظومة استراتيجية تمتد من بحر قزوين وشمال القوقاز شمالا وشرقا إلى المغرب العربي غربا.
إعادة هيكلة المنطقة
من الشرق الأوسط الكبير إلى الشرق الأوسط الجديد صممت الإدارة الأمريكية الحالية أن تقوم بنفسها بمهمة تجسيد المفهوم بإعادة الهيكلة الشاملة للوطن العربي والإسلامي وصنفت العالم إلى محورين محور الشر ومحور الخير، وخيرت العالم بين الأمرين واحتكرت لنفسها تحدي التهديدات المختلفة وأيضا مفهومها للإرهاب ومكافحته.
وإذا كانت معظم الأنظمة العربية قد قبلت الدخول في المشروع الشرق أوسطي عندما كان يقتصر على التعاون الاقتصادي والتنسيق الأمني لكن عندما أعلن الرئيس بوش أن الشرق الأوسط الكبير هدفه الرئيسي إدخال الشرق الأوسط في دائرة الدمقرطة العالمية بالمعايير الأمريكية ولد نوع من الاستياء لدى هذه الأنظمة وجعلها من جهة أخرى بين ضغوطات خارجية تقودها أمريكا وبين ضغط داخلي شعبي تقوده بعض القوى السياسية والاجتماعية فمشروع الشرق الأوسط الكبير الذي أعدته الولايات المتحدة الأمريكية في فيفري 2004 واقترحته على مجموعة الثمانية التي اجتمعت في 09 جوان 2004 أقرته بعد ذلك ووضعت له اشتراطات للاستيعاب حيث بدا في ملامحه أنه يركز على الجوانب السياسية بالإضافة إلى الجوانب الاقتصادية والعلمية، وطرح إصلاح الأنظمة العربية والإسلامية الحاكمة وفقا لوصفة أمريكية محددة وواحدة، وأيضا التعامل المباشر مع شركاء من غير الحكومات، والتدخل السافر في تفاصيل الحكم الداخلي وممارسة الضغوط لتنفيذ الإصلاح إلى جانب وجود برامج تمويل للمشاريع المقترحة.
إلا أن هذا المشروع الأمريكي اصطدم بعقبات عدة وبحالة من الممانعة نظرا للكثير من الأسباب والمبررات أولها أن الولايات المتحدة الأمريكية تغلب المصالح على المبادئ بل قد توظف وتشغل المبادئ من أجل المصالح وتاريخ أمريكا يثبت أن لم يكن في يوم من الأيام نشر الديمقراطية في المنطقة العربية والإسلامية أولوية في سياستها الخارجية بل الأمر الواضح كان تأمين تدفق النفط والبحث عن مناطق هيمنة ونفوذ وضمان أمن إسرائيل والانحياز لها وخدمة المصالح الاستراتيجية الأمريكية والاستفراد بالعالم وحتى وإن اقتضى الحال أيضا حماية ومساندة أنظمة دكتاتورية في المنطقة إذا كانت تحقق لها مصالحها، ثم أن هذا المشروع وصل إلى حد التعرض للخصوصية الثقافية والحضارية للمنطقة ومحاولة خلخلتها وتغييرها، كما تزامن أيضا مع أعمال غزو واحتلال لبعض دول المنطقة فضلا عن تبلور قناعات أن مثل هذه المشاريع تنبع وتنبثق من الداخل بالأساس وليس بضاعة تسوق من الخارج لاسيما إذا جاءت بفعل الضغوط أو على ظهر دبابة، ومن ثم فإن الممانعة والرفض لم يمكن من الأنظمة فقط -لحاجة في نفس يعقوب- بل كانت الممانعة شعبية أيضا للمبررات السالفة ثم أن حتى المشروع ذاته بدأ يكذب نفسه بنفسه إذ في الوقت الذي ترفع فيه الولايات المتحدة الأمريكية من خلاله شعار الديمقراطية نجدها أول من لا يتقبل نتائجها، كما حصل في أكثر من تجربة في بعض الدول العربية والإسلامية وعلى رأسها فلسطين التي جربت فيها انتخابات بقدر معتبر من النزاهة والديمقراطية بشهادة الغربيين أنفسهم لكن الأمريكان أصحاب المشروع لم يتقبلوا الوضع الجديد الذي أفرزته الانتخابات بشكل ديمقراطي والانتخابات كما هو معروف لدى العام والخاص من أبرز الآليات الديمقراطية، وعلى هذا الأساس فإنه من أبرز العقبات التي اصطدم بها مشروع الشرق الأوسط الكبير هو صعود التيار الإسلامي ديمقراطيا والأكثر من ذلك أصابت دعاوى الإصلاح السياسي التي تدعيها أمريكا ذريعة تستغلها واشنطن للتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة خاصة مع استعمال الضغوطات على أنظمتها السياسية بشتى الوسائل.
وإذا كان مفهوم الشرق الأوسط الكبير أو الجديد ليس وليد أحداث 11 سبتمبر كما يدعي البعض، بل وجد قبل ذلك في طروحات السياسات والكتاب والمفكرين، فإن الإدارة الأمريكية أعادت إنتاج المفهوم في صيغة الشرق الأوسط الجديد خلال الحرب على لبنان لما كانت تعتبره الوقت المناسب للانتقال باتجاه الخطوة التنفيذية التالية، ولكن هذه الخطوة منذ الوهلة الأولى وجدت صعوبات في تنفيذها بما جعل وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تصف الخطوة بالولادة العسيرة عند ما قالت وهي في زيارتها للمنطقة (إن ما نراه هنا هو آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد ومهما فعلنا يجب أن نضمن أننا ندفع باتجاه شرق أوسط جديد وليس باتجاه الشرق الأوسط القديم).
المشروع خارج منطق التاريخ
ولعل ما قصدته رايس بالولادة العسيرة للشرق الأوسط الجديد هو ما وجدته الإدارة الأمريكية من ممانعة ومصاعب في العراق ولبنان.
في شهر جوان 2006 نشرت مجلة القوات المسلحة الأمريكية، خريطة لمنطق الشرق الأوسط بعد تقسيمها المفترض أظهرت المدى غير المحدود للمتغيرات الجغرافية التي تمتد حتى باكستان ويتضمن غياب دول بالكامل من أبرزها العراق والسعودية، مع اعتماد واشنطن على نزعة الأقليات والطوائف التي تتحول إلى كيانات ودول، هذه الكيانات -حسب التكهنات- تتضاءل فرص التعايش فيما بينها ويتزايد تسابقها للاعتماد على القوة الأمريكية لدعمها، وهكذا لن تعود أمريكا مضطرة للقتال خارج أراضيها بل تشرك حلفاء جدد تؤسس لهم دولا خاصة مهمة حامية أمنها وأمن إسرائيل التي لن يجري استيعابها فقط في الإقليم الجديد بل ستكون القوة المهيمنة فيه.
والملفت أيضا في المشروع أنه لا يقيم وزنا لشعوب المنطقة ناهيك عن حكامها ليس باستشارتها فقط بل حتى بردود أفعالها، ويعتقدون أنه بعد خلق الفوضى والفتن وتوزيع الحرائق يفضي هذا إلى قبول شعوب الشرق الأوسط الجديد بأي خيارات تنهي الآلام.
وإذا كان مفهوم الشرق الأوسط الجديد قد ولد مشوها منذ البداية فإنه سيظل غير قادر على النمو والعيش الطبيعي لأنه يتجاوز حقوق ومصالح الدول. بل إن منطق التاريخ يرفض أن يقوم أي مشروع على المجازر والدمار ويتجاوز خصوصية الشعوب الثقافية والحضارية، ويتجاهل قضاياه ومصالحه، وكمؤشر على ذلك أن أشكال الممانعة لهذا المشروع منذ البداية قائمة ومتحفزة وليس من السهل اختراقها أو تغييرها كما تغير الأنظمة بما جعل التحدي قائما بين هذه الممانعة الشعبية من جهة وبين محاولات فرضه من جهة أخرى من خلال سياسة الاندفاع والسطوة المستندة إلى القوة

الحجاج2

عدد المساهمات : 34
تاريخ التسجيل : 21/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى