شباب كفركلا
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الخطأ دليل على العمل

اذهب الى الأسفل

الخطأ دليل على العمل Empty الخطأ دليل على العمل

مُساهمة  الحجاج2 الإثنين 25 يناير 2010 - 21:02

[b]لا يُنسب لساكت قول، هذه حكمة يمكن أن نقيس عليها زلاّت المتحدثين إذا صدقت نياتهم كما نفيس عليها أخطاء العاملين في الميدان إذا رجحت حسناتهم وكثرت إيجابياتهم، فالساكت ليست له زلات لسان لأنه لم يتكلم ولم "يحرك" لسانه فكيف يزلّ، والذي لا يعمل شيئًا لا يقع في أي خطأ لأنه لم يكلف نفسه القيام بأي حركة، فهو ساكن، والساكن كالساكت لا يُنسب لهما قول ولا فعل ولا زلة ولا خطأ..
والذي يتكلم ويعمل يزل ويخطيء :فزلات لسانه من كثرة كلامه وتعدد أخطائه من كثرة أعماله، وكفى المرء نبلا أن تعد معايبه، والعاصم من الزلل والخلل – بعد الله تبارك وتعالى – هو الجماعة وهى عاصم من القواصم والله تعالى ضمن لنا محو الخطأ بصواب كما جاء على لسان سيدنا محمد (ص) :"واتبع السيّئة الحسنة تمحُها".
إن الأصل في الإنسان – كونه من أبناء آدم (ع) – هو الخطأ، بل كثرة الخطأ، ولا يحده (أو يعصمه) من أخطائه إلاّ واحد من أربعة :
- إما أنه نبي معصوم فالخطأ في حقه مستحيل، وهذه خُلّة خُتمت بختم الرسالة.
- أو هو ساكت جامد فلا ينسب له قول ولا عمل.
- أو هو محصّن بشورى ومؤسسات، فهو ناطق باسمها عامل بقراراتها.
- أو هو مجرّب محنك قد خبر النفس وخالط الناس وأدرك كنه الأشياء فلا ينطق إلاّ بعلم ولا يجيبك عن سؤال إلاّ بعد استيعاب وفهم...
ومع ذلك يبقى هامش الخطأ واردًا، وليس العيب في أن نخطئ ولكن العيب يكمن في أن يتعمد الإنسان الخطأ، أو يتكرر منه بعد تجربة وتنبيه، أو يكون الخطأ نفسه قاتلاً، ولأجل التنبيه إلى هذا الفقه الرفيع في مسار الحركة الإسلامية ومنهجها وممارساتها مع نفسها ومع الناس نورد جملة من المحددات الضابطة للمسافة بين الخطأ والخطيئة أو بين أخطاء الاجتهاد وأخطاء الاستبداد.. ولنا على كل ذلك تعليقات خفيفة تتناسب مع حجم هذه المشاركة ، ويمكن تلخيصها في جملة واحدة هي :
لكل مسؤول الحق في الخطأ بشرطين لازمين هما :عدم الاستبداد مع اشتراط الاجتهاد، وتفسير ذلك يطول وخلاصته ما يلي :
1- الخطأ دالّ على بشرية الناس :التاريخ كله صناعة بشرية، ولذلك جاء مليئا بالأخطاء ولم يسلم من ذلك حتى المعصومون من الأنبياء (ع) للدلالة على أن العصمة من الله وهم بشر (قبل نزول الوحي) لتأكيد بشريتهم (عليهم الصلاة والسلام):فأبو البشر آدم (ع) نسيّ وفقد القدرة على المقاومة أمام إغراءات إبليس وتطميناته المؤكدة باليمين الناصح، وفي لحظة بشرية ما من حياته مال مع ما لا يتناسب مع الموقع الذي هو فيه، ونسي أمر الله له:"ولا تقربا هذه الشجرة" فلما امتدت اليد إلى ما هو من ضعف النفس وبشرية النشأة سجل القرآن الكريم هذه اللقطة التربوية البارعة :"وعصى آدم ربه فغوى" ثم تاب عليه...
وبين "الفاء" و "ثمّ" يتسلّل الخطأ البشري.
ولتأكيد بشرية جميع من انحدروا من طلب آدم (ع) ظل الخطأ مرافقا لمسار الدعوة – ولو في حدّه الأدنى المتمثل في عواطف الأبوة وخواطر النفس وميل القلب إلى بعض مباحات الدنيا- من نوح (ع) إلى محمد (ص) :فهذا نوح (ع) تتطلع نفسه كأب إلى إنقاذ ولده الرافض للركوب مع المؤمنين في السفينة معتقدا أن صعود الجبال يمكن أن يعصمه من الماء، ويسأل نوح (ع) ربه عن ذلك وهو واقع تحت مشاعر الضعف الأبوي (وهو من أولي العزم)، والحال كذلك لدى إبراهيم (ع) وداود (ع) وسليمان (ع) وموسى، ويوسف، ويونس، وعيسى...إلى رسول الله (عليهم جميعا صلوات الله وسلامه).
فبشرية محمد (ص) هي التي جعلته يجتهد ليعطي الاهتمام والأولوية في الحديث بالتوجه لأحد النافذين منشغلا به عن ابن أم مكتوم (رضي الله عنه) فينزل القرآن معاتبا ومصححا هذا السلوك البشري الطبيعي الحريص على كسب "نماذج" مؤثرة لصّف الدعوة يحتمي بهم المستضعفون إذا حزبتهم الخطوب، بيْد أن التوجيه القرآني جاء مخالفا لهذا المنزع البشري المجتهد لفائدة الدعوة وتعزيز الصفSadعبس وتولى أن جاءه الأعمى، وما يدريك؟!....".
وكلها اجتهادات أساسية نابعة عن طبيعة بشرية تؤكد قاعدة العصمة بالوحي، وتبرز البشرية في غياب العناية الربانية.
وإذا كان الأنبياء يقال لهم عتابا :وما يدريك؟! فما دونهم يجب أن يقال لهم ما هو أكثر وأكبر، لاسيما إذا تعلق الأمر باجتهادات غير مسبوقة في المسائل الظنية وفي دائرة العفو المسكوت عنها :فعلى أي أساس نحكم على اجتهاد بالفساد والبطلان قبل أن يكشف الزمن "ثمرات" هذا الاجتهاد، فمن أدرانا أن طلبنا اعتماد الحزب السياسي هو خير يفتح الله به طريق الانتشار والتمكين أم هو فخ لوأد الدعوة والقضاء على آخر القلاع المحصنة ضد الغزو الفكري والانسلاخ الحضاري (ثوابت ومبادئ وهوية)..ومن أدرانا؟؟ وما أدران. فالعاصم هو الله.
2- الاجتهاد في المتغير :"لا اجتهاد مع النص"، إن هذا المعنى هو مفتاح الدخول إلى عالم الاجتهاد فيما ليس فيه نص، أي في المتغيرات الظنية في غياب النص، وليس لأحد الحق في الإدعاء بأن هذا الاجتهاد أو ذاك صائب أو مخطئ إلا بعد تجربته و تمحيصه في الميدان وانتظار النتائج وآثار انعكاساتها ، بطرح أربعة أسئلة دقيقة والجواب عنها بوضوح وصراحة، و هي:
- هل هذا القول أو هذا العمل ( أو النشاط ) يرضي ربنا ؟
- ما مدى مساهمته في وحدة صفنا ؟
- هل اجتهادنا فيه وممارساتنا له قد تمّ في ظل سلامة صدورنا ؟
- أتراه مساهما في استكمال بناء مؤسساتنا ؟
ومع إدراكي أن الإجابة سوف يختلف حولها أبناء الحركة الواحدة وبناتها، ناهيك عن أبناء التيار الإسلامي، إلا أنني مطمئن إلى تأكيد ثلاثة (03) أمور ظلت في مسار الحركة كلها، وفي اجتهادات قيادتها محط احترام وتقدير، وهي :
1- أن الرأي مكفول قبل القرار بل هو حق لكل صاحب رأي في الأطر المؤسسية.
2- إن القرار يُصنع جماعيا داخل مؤسسات الحركة دون هيمنة ولا احتكار ولا ابتزاز.. ولا تجريح للهيئات ولا للأشخاص.
3- أن الالتزام به ( بعد الشورى ) كان سلوكا دائما ترجم روح الانضباط الكامل.
وبسبب هذه الثلاثية الذهبية حافظت الحركة على وحدة صفها و وازنت بين تقييد كل أفرادها بقرارات المؤسسة وإلزامهم بتنفيذها، (القرارات غير قابلة للنقاش) وبين توفير الحد الأدنى من احترام الأشخاص وضمان استقلالية أرائهم وحرية أفكارهم بعيدا عن نوازع تجريح الهيئات وهواجس الإساءة للمخالفين من الجماعات والأشخاص.
3- الانتصار للمبادئ ورجال المبادئ: لقد تعلمنا من دينناأإن الانتصار للمبادئ حق ولكن حفظ كرامة الناس واجب، فإذا كان من بين هؤلاء الناس من هو من رجال المبادئ وجب أن يحظى بالاحترام والتقدير وأنا ننتظر له إذا كان الحق في جانبه، فإحقاق الحق لا يعني بالضرورة الدوس على كرامة الناس، كما لا يعني التشخيص والتجريح، فالحق نظيف وشريف ولا يحتاج بيانه أو إحقاقه أن تمرغ أنوف المخالفين في التراب، والحق أبلج فلا حاجة به إلى التجريح حتى يظهر ويسود، وفي كل الأحوال فالاتزان مطلوب و الاعتدال مرغوب والعدل واجب :"ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألاّ تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى" :
- الحق لا يقبل الظلم حتى وإن كان هو مظلومًا
- والحق لا يقبل أن ينصره الباطل حتى ولو كان الباطل قويا
- والحق يجب أن يُعرف وأن يسود وأن يُتبع.. حتى لو حاصره الباطل:"فالحق أحق أن يتبع".
- والمبادئ يجب أن يجهر بها أصحابها و أن تقود.
- وللرجال السابقين حق الاستئناس بآرائهم إذا قاموا ناصحين لله ولرسوله ولائمة المسلمين وعامتهم، ومؤشرات العدل فيهم هي حيادهم وتجردهم وحرصهم على بيان الحق وانتصارهم للحق ولو كان ضدهم، ووقوفهم في وجه الباطل ولو سلبهم حياتهم بعد أن يسلبهم حقوقهم.
وهذه الصفات قلما نجدها في زماننا اليوم، ذلك أننا نعيش زمنًا لم يعد فيه للحق وجه واحد، بل تعددت أوجهه، فقد يروي لك الرجل الواحد رواية في الصباح وأخرى في المساء فخد بخيرهما وتجنب شرهما، وقد يقف معك الرجل موقفين: فتجد له حسنات و سيئات فخذ بما ترجح عندك من الحق وخذ من نفسك له، واعلم أنك لا تستطيع أن تنتصر للمبادئ و الأشخاص في الوقت نفسه، ولكنك تستطيع (إذا تسلحت بالصبر والاحتساب) أن تنتصر للحق والمبدأ وتتسامح مع الذين لا يحبون أن يدفعوا لك الجزية إلا عن يد و هم صاغرون. و ما أكثرهم في زماننا.
وقد تجد نفسك في اليوم الواحد أمام صنفين من الناس:
- صنف يحدثك عن الحق بباطل وأنت تعرف ذلك.
- وصنف يحدثك عن الباطل بحق وأنت تدرك ذلك.
وكلاهما إما منتصر لمبدأ أو متحيز لشخص، فسكوتك عن الأول كتمان للشهادة "ومن يكتمها فإنه أثم قلبه" وتهاونك مع الثاني خوفا من الفتنة هو الوقوع في الفتنة ذاتها، فالحق لا يدافع عنه بباطل، والباطل لا يواجه بباطل مثله، وعدم ردع موقظي الفتنة تواطؤ معهم ولو بحسن ظن. والقواعد الضابطة لفقه تغيير المنكر هي المسلك الصحيح في هذا الباب، والحمد لله أن رسولنا الكريم (ص) حصر القضاة في ثلاثة أصناف :" قاضيان في النار وقاضي في الجنة، رجل علم الحق وقضى به فهو في الجنة، ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار، ورجل علم الحق وقضى بخلافه فهو في النار".
وخلاصة هذا الكلام هو أن الخطأ البشري وارد في مسار كل متحدث وفي سلوك كل عامل، بل هو لصيق بالعمل ورديف للنشاط، وكلما كان العمل كثيفا كلما كان هامش الخطأ أوسع، لاسيما إذا كان الفعل على غير منوال سابق (أي اجتهاد غير مسبوق)، وهكذا نفهم – أن الذين يقيسون تجربة الحركة على نموذج "مجتمع المدينة المنورة" سيجدونها فاشلة بجميع المقاييس، أما إذا قسناها على نماذج الخلفاء الراشدين فإنها قطرة في بحر وحبة رمل في صحراء، (وما أبعد المسافة بين خليفة راشد شهد له الرسول (ص) بالخيرية الذين يقيسون تجربتنا بتجارب الحركات الإسلامية من حولنا فإذا لم نكن من أحسنهم فإننا من بين أقلهم سوءًا، أما أخطاؤنا فلا يجب عزلها عن جهودنا واجتهاداتنا كما لا يجب تضخيمها بوضعها تحت المجهر المكبر ولا تقزيمها وكأنها "لا حدث" وإنما العدل يقتضينا جميعا أن نقر :بأن الذي قاد مركبة في طريق لم تكن سالكة 100% لا بد أن تصيبها بعض الأعطاب، وأن يصاب بعض ركابها بالأرق والغضب والملل والشكوى من "خشونة" السائق وقلة سمعه وطاعته لبعض ركاب الدرجة الأولى (وهم المطالبون بسمعه وإطاعته وليس العكس)، وضعف الخدمات المقدمة لهم وقلة الاهتمام بهم خاصة وبسائر المسافرين عامة... إلخ.
وأن حرصنا على سلامة جميع الركاب قد تحقق في ظل حرص على تجسيد رباعيتنا الذهبية:
- مرضاة ربنا.
- وحدة صفنا.
- سلامة صدورنا.
- واستكمال بناء مؤسساتنا.
إن الحرص على تحقيق هذه المعاني السامية وتجسيد هذه الأهداف النبيلة هي التي يجب أن تدفعتنا إلى غض البصر عن بعض الأخطاء والسكوت عن كثير من التجاوزات لاعتقادنا. أن "كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون0

الحجاج2

عدد المساهمات : 34
تاريخ التسجيل : 21/01/2010

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى